الأحد، 20 فبراير 2011

لاقونا في الشارع!!!!


لاقونا في الشارع!!!!
بروفيسر/نبيل حامد حسن بشير
منذ قيام انتخابات أبريل من العام الماضي كنت أمني النفس بأن يفهم منسوبي المؤتمر الوطني أن الحكم قد تحول من حكم عسكري إنقاذي شمولي إلى حكم مدني. أيضاً كنت أظن (سذاجة سياسية ، تقولوا شنو بس!!) بأن السيد الرئيس بعد أن أعلن خوضه للانتخابات أنه قد (تقاعد) كعسكري وأصبح مدنياً (يعنى زول زينا ساكت كده). لكن بعد أن انفرد المؤتمر الوطني (بفعل فاعل) بكل الدوائر التشريعية والجغرافية وخلافه اعتقد المؤتمر الوطني أيضاً بأن ما كان ما هو إلا( استفتاء) على بقاء أو ذهاب الإنقاذ، ونسى أنه لو فاز حزب آخر بالأغلبية حتى ولو البسيطة لتحول الحكم إلى حكم مدني عادي ، ولن يلبس رئيس الجمهورية زي القائد الأعلى للجيش أو الشرطة أو البحرية أو الطيران أو حتى الأمن القومي!!!! المناسبة هي: مخاطبة السيد رئيس الجمهورية لضباط الجيش قبل عدة أيام وتنويرهم بما يدور وأنه سيبسط الحريات للجميع (أليس هذا جزء من البرنامج الانتخابي؟ أم هو تنازل نتيجة الأحداث التي تدور في دول الجوار؟)، لكنه قال مالا يجب أن يصدر من رئيس جمهورية تجاه شعبه، خاصة المعارضين منهم وهو (لاقونا في الشارع؟؟!!). من المعروف جداً في كل العالم أن الشعب السوداني دون الشعوب الأخرى (لا يحب الحقارة) ولا يستحق ذلك. كما أنه من المعروف جداً أنك إذا ما قلت للسوداني (لاقيني) في الشارع (بالبلدي كده: طالعني)/ فهذا يعني أنك تريد مضاربته مع تحديد الزمان والمكان لوحدهم أو في وجود جمهور (فراجة) حتى تقوم بقهره وتأديبه (وكسر عينه). لماذا كل هذا يا سيادة الرئيس؟ ألسنا شعبكم الذي قبل بحكمكم لمدة 21 عاماً وسيقبل أيضاً بأربعة سنين أخرى ، ونرجو أن تكون الأخيرة حتى لا نقول لكم (كفاية) كما تعلم بأن (كثرة الطلة.....). السيد الرئيس بصراحة كدة ما قبلناها منك!!! تستلم راتبك الذي حددته بنفسك منا شهرياً دون تأخير، كما يحدث لنا، وينطبق ذات الشيء على كل وزراءك و مستشاريك وغيرهم ولم نقصر معكم في شيء، ولم نسمعك ما لا يرضيك، ونصحنا لك (الدين النصيحة)، فلماذا التهديد والوعيد ونحن أصبحنا كهول وكلنا أمراض وعبر!!!! هبت شعوب المنطقة حول السودان والعالم العربي ضد حكامها (المكنكشين) أبداً والذين يرفضون لقب (الرئيس السابق) والذين يرفضون أن يسلموا الكرسي لمن بعدهم الذين يفوزون وبانتخابات نزيهة بعد مصافحتهم و مع الأمنيات لهم بالتوفيق في خدمة الشعب بما يرضيه ويرقى به إلى مصاف الدول المتحضرة وإن أمكن المتقدمة. هؤلاء الرؤساء يفضلون لقب (الرئيس الراحل) أو (الرئيس المخلوع). عجبي! مثل هؤلاء الحكام غالبيتهم يأتون من المؤسسة العسكرية عن طريق انقلاب يحمل (الوعود المعسولة) ويحاولون فرض سياساتهم عبر (الشرعية الثورية) رغما عن أن هم جاءوا عن طريق انقلابات عسكرية وليس عن طريق ثورة. الثورة يقوم بها الشعب ولا يقوم بها الجيش حامي الوطن والدستور. ليس مطلوباً من الجيوش حماية النظم الحاكمة مهما كانت عادلة أو ظالمة، عميلة أو وطنية..إلخ. الثورات تلغي الدساتير وتحل البرلمانات وتصيغ دساتير جديدة وتفتح الأبواب لكل أنواع الحريات ولا تتحدث عن ثوابت لكنها تعرف أين الخطوط الحمراء. مثل هؤلاء الرؤساء يرفضون (الحكومات والحكم المدني الحقيقية) ويرتكزون على (الحكم الأمني) الذي يعتمد على الشرطة والشرطة السرية والأجهزة الأمنية التي تحمي النظام كما هو جارٍ في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا وغيرها بما في ذلك الوطن العزيز. نعم كل الدول بها شرطة وأمن. لكن الفارق يقع في (الوصف الوظيفي) لكل منهما بين الدول المتحضرة وتلك المتخلفة. هل يعقل أن يكون بدولة واحدة إضافة إلى الشرطة عدة أجهزة أمنية الغرض منها (حماية النظام) من الشعب. كمثال: أمن الدولة، الأمن الداخلي، الأمن الخارجي، الأمن القومي!!!!! الشعب في أي دولة هو صاحب السلطة ومصدرها وصاحب الحق في كل شيء ابتدءاً من الأمن انتهاءاً بالطعام وما بينهما من أنشطة سياسية واجتماعية واقتصادية وتعليمية وصحية ونقل واتصالات وتخطيط وسياسات خارجية. على الحكومة (الحكومة هي زمان تعني مجلس الوزراء والحكومات الولائية مش الأمن!!) أن تعرف جيداً أنها لها وظيفة أساسية وهى (خدمة الشعب) دافع الضرائب الذي يقوم بدفع (رواتب) كل من يعمل بالحكومة بدءاً برئيس الجمهورية انتهاء بأصغر وأحدث موظف أو عامل بها. لا يحق لأحد مهما علت مكانته أو موقعه أن يوجه أي إهانات أو عبارات غير لائقة لمواطن حر يقوم بدفع راتبه ويدفع ضرائبه. هل يعقل أن يقوم أي شخص بالترفع على مخدمه. الواضح للجميع أن مثل هذه الحكومات ( تفرض وصايتها) على الشعوب، وتعتقد أنها (أكثر فهماً) من الشعوب وأدرى بمصلحتها منها ، أي كما يفعل الآباء مع أطفالهم حتى يستقلوا بحياتهم. هنا يكمن الخطأ الرئيسي. الشعب هو (الوصي) على نفسه. لا أحد يعلم ماذا تريد الشعوب إلا الشعوب نفسها. الشعوب هي المعلم لكل الحكومات وهى (صاحبة السلطة الحقيقية) والحريات هي (آليتها) لتنفيذ مطالبها. عندما نتحدث عن الحريات فالمقصود هنا حرية التعبير وحرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة والإعلام ككل (يجب إلغاء منصب وزير الإعلام)، حرية الاعتقاد، حرية الحركة، حرية التقاضي، حرية التملك، حرية اختيار المستقبل الذي يناسب كل فرد دون تدخل من سلطة حكومية أو غيرها. هذه هي حقوقنا كبشر أتاحها لنا ديننا كتاباً وسنة ومواثيق الأمم المتحدة وغيرها. هنالك عدة دروس وعبر خرجنا بها من ثورتي شعب تونس ومصر أهمها أن لا تتكبر أبداً على شعبك، وثانيها أن تعلق آمالك على البسطاء مع ضرورة احترام المعارضة وقياداتها. الدرس الذي لا يقل أهمية عن ذلك هو أن لا يعتمد النظام على القوات الأمنية لحماية نفسه. عدد هذه القوات بمصر يفوق المليون ونصف. فماذا حدث لها بعد يومين من التظاهر والاعتصام؟ أين هربت وخلعت زيها المميز؟ ولماذا تتظاهر هذه القوات الآن بعد سقوط النظام الذي أقسمت على حمايته؟ والأمثلة على ذلك كثيرة بما في ذلك شاوشيسكو وصدام ونميري رغماً عن (إنجازاتهم) غير المسبوقة في تاريخ أممهم. فالقوات الأمنية تتكون من أبناء وبنات هذا الشعب . يعانون كما يعاني الشعب مهما كانت العطايا والهبات والحوافز. ينطبق ذات الشيء على الشرطة والجيش. نعود إلى نظام الحكم في السودان، حكومة الإنقاذ. حكمت بالقوة الأمنية في الفترة ما قبل الانتخابات الأخيرة ولا ينكر أحد أن (هنالك بعض الإنجازات) على أرض الواقع لكنها مصحوبة بكثير من الإخفاقات والفساد والظلم أيضاً. نقول أنه كان من الممكن أن تقوم أي حكومة أخرى بمثل هذه الإنجازات وأكثر منها إن صبر الشعب عليها كما صبر على الإنقاذ (خوفاً من البطش) الذى مارسته فى أغلب فترات حكمها. الإنقاذ قامت بالتعامل مع الشعب باقتصاد السوق بيعاً وشراءً مع إعطاء مرتبات لا تكفي لتغطية 25% من احتياجات الفرد أو الأسرة. لكنها( تبيع خدماتها) لذات الشعب بالسعر الدولاري مع فرض زيادات سنوية دون أن يتحرك الشعب وذلك بسبب الخوف من الجهات الأمنية التي تحمي النظام وقراراته المجحفة وتهديد القيادات بأن ( الما عاجبه يلاقينا في الشارع). هذه الجملة أطلقها رئيس النظام قبل أيام عند لقائه بضباط الجيش (الحمدلله لم نسمع تصفيقاً منهم بعد أن قالها والفرق كبير إن كانوا قد صفقوا لها!!). كنا نعتقد أنه بعد أن جاء سيادته بالانتخاب ، وبناءً على تصريحاته قبل الانتخابات أثناء الحملة الانتخابية التى صرفت عليها المليارات (الصور فى كل الشوارع) بأنه سيكون رئيساً لمن لم يصوت له بنفس القدر للذي صوت له. أي أب وراع للجميع، وسيتقي الله فينا، مع بسط الحريات والشورى ومحاربة الفساد الذي (قلل) من إنجازات الإنقاذ مهما كانت. الفساد وخراب الذمم أصبحا هما الحقيقة والواقع والأصل. أما الأمانة والشرف في ظل التوجه الحضاري فهما (موضة قديمة). سيدي الرئيس والسادة القراء: الشعب يعرف الشارع كما يعرف كف يده. يعرف أسراره وخباياه، ويعرف كيف ومتى يخرج. لكل أول آخر، ولكل بداية نهاية (وما فيش أول مالوش آخر). نهاية الفساد معروفة، ونهاية الاستخفاف والحقارة معروفة، ونهاية التهديد معروفة، ونهاية التحرش معروفة. الشعب لا يتذكر الإنجازات وينساها سريعاً، وإلا ما ذهب مبارك وكان من الخالدين لما قدمه لوطنه، ولما ذهب شاوشيسكو بعد أن وضع رومانيا في مصاف الدول المتقدمة صناعياً وزراعياً وتقنياً وتعليمياً وصحياً لكنه أهدر كرامة شعبه وجوعه جوعاً نوعياً بحرمانه من أشياء بعينها لتوفير بعض المال لسداد القروض. (الملاقاة بالشارع) تعني حمام دم وموت المئات من الجانبين. نعلم أنه إذا ما اقتتل مسلمان فالقاتل والمقتول في النار. هل نظامكم مستعد لإراقة دماء أهله إذا ما أرادوا رحيله. والله تبقي مصيبة إن كان هذا ما تريدون (فلترق كل الدماء!!). عندما يقول الشعب لا فهي لا ولن تكسره القوات الأمنية أو الجيش ولن يجد الشعب نفسه بمفرده بالشارع. سيتضامن كل العالم معه. سيخرج السودان كله بخرطومه وأم درمانه وبحريه ومدني وكوستي وسنار والدمازين والقضارف وكسلا وبورسودان والأبيض وكادوقلي والدلنج ونيالا والفاشر والجنينة..إلخ. فمن أين للنظام بكل هذه القوات لتحميه من هذه الملايين الهائجة. (رضاء الشعب) هو الذي يحميكم وغضبه حماكم الله منه. الحوار يقود إلى صلاح الأمة. ما يقوم به المهندس صلاح عبدالله قوش هو عين الصواب وهو رجل مشهود له بالكفاءة العالية وطولة البال والتنظيم ويجد الاحترام من جميع الجهات والقطاعات، على أن يعرف الجميع أن السقف هو السيد الرئيس مع تضمين نتائج الحوار فى الدستور (الجديد). كما نرجو أن يركز المتحاورون على قيام حكومة برلمانية بدلاً عن الرئاسية مع ضرورة وجود رئيس للوزراء مسؤول لدى البرلمان. أما حكومة القاعدة العريضة دون المشاركة فى البرلمان والمجالس والحكومات الولائية والمحليات فهي (رشوة) يجب على الأحزاب تجنبها. عليه نرجو من كل منسوبي الإنقاذ (سابقاً) والمؤتمر الوطني (كحزب حالياً)عدم استفزاز هذا الشعب الذي صبر عليكم بما فيه الكفاية موالين ومعارضين وأحزاب، وقد يصبر عليكم حتى نهاية فترتكم هذه، وقد يكرمكم أيضاً، مع ضرورة إجراء الإصلاحات الدستورية والمؤسسية ( وفوراً) وفي كل المجالات خاصة الاقتصاد والتعليم والصحة دون تلكؤ والقضاء على الفساد والمفسدين واستعادة أموال الشعب وإعادة مشروع الجزيرة إلى سابق عهده وإعادة تأهيل خزان حشم القربة وتشغيل المصانع وتوفير العمل للخريجين وإعادة السكة حديد إلى ما كانت عليه والإسراع في التنقيب عن البترول في الشمال بغرض حماية الشعب وتأمين الوطن وتذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس القوى بالصرعة...)، فالله وحده هو القوى ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم نسألك اللطف

ليست هناك تعليقات: