الأحد، 20 فبراير 2011

الأسئلة الصعبة أمام القيادة المنتخبة "4" :رسالة مفتوحة للأخ الرئيس في عهده الجديد

لجديد
بروفسير مصطفى إدريس
السؤال الثالث: هل طرح الحزب برنامج عمل واضح للدولة وإجازته القواعد قبل الانتخابات ليتم تطبيقه في كل موقع تنفيذي خلال المرحلة القادمة، ويكون ملزمًا للوزير والمدير ويتنزل الى أدنى مسئول في الدولة في المركز والولايات والمعتمديات والمحليات؟ وهل من تحديد لمعايير أومقاييس النجاح والفشل؟ وهل من آليات واضحة لمتابعة الأداء؟ وهل سينتهي عهد المسئول النافذ القريب من جهات صنع القرار العليا والذي بإمكانه تسخير إمكانات الدولة في أي وجهة شاء دون اعتبار للأولويات القومية أوالمحلية؟ وهل تتم مراجعة اللوائح المنظمة للعمل والإجراءات المالية في كل موقع ابتداءً من رئاسة الجمهورية وانتهاءً بالمحليات؟ وهل سينتهي التضارب والتنافس غير الشريف بين المؤسسات ذات الرسالة المتشابهة مما يتسبب في إهدار الموارد الشحيحة للدولة؟ وهل من سياسات واضحة تنهي المفارقات الواضحة بين العاملين في مؤسسات الدولة المختلفة وتزيل الفوارق وتمحو الغبن الذي بدأ يولد جهويات مهنية بدأ يتعاظم خطرها وستواجه الدولة لا محالة في المرحلة القادمة كما رأينا بوادرها قبل فترة وجيزة في إضراب العاملين في التعليم العالي والأطباء وغيرهم..... ؟ نحتاج أخي الرئيس لوقفة صادقة مع هذه الأسئلة ونراجع كسبنا في المرحلة السابقة كيف كنّا ندير الدولة وأين وصلنا بها. لا أريد أن أقول بأن الصورة كلها قاتمة سوداء فقد حققنا كثيرًا من النجاحات في مواقع كثيرة ولكن كانت في معظمها فلتات أفذاذ موهوبين ومبادرات فردية وليست نتاج منهجية علمية في إطار منظومة تضمن لها الاستمرارية والتطور والنماء، ولك أن ترجع بالذاكرة الى الوراء وتتأمل في بعض تلك النجاحات. من الذي كان يقف وراء استخراج البترول وتصديره،ومن الذي أحدث ثورة الاتّصالات ومن الذي حسّن وجه العاصمة بعض الشيء وجعل لها معابر وطرقات، وفي المقابل أيضًا علينا أن نتأمل كيف فشلت كل المحاولات السابقة في أحداث نهضة زراعية حقيقية رغم توفر كل المعطيات لذلك ما عدا همة البشر وحسن تدبيرهم في هذا المجال، وكيف فشلنا في أحداث نهضة صناعية تستند على استخلاص الخامات من الأرض وتطويعها لخلق آلات نستعين بها في كافة المجالات حرباً أو سلمًا كما فعلت إيران، ولا نعتمد على تجميع المصنع الجاهز الذي لا يبني نهضة أبدًا سواء كان جرارًا أو دبابة أو طائرة؟ وكيف فشل مشروع توطين العلاج بالداخل رغم ما قامت به الدولة من انفاق سخي؟ وكيف يحدث التضارب بين المؤسسات ذات الرسالة الواحدة رغم أنها جميعا تنهل من موارد الدولة؟ وفي هذا الباب أخي الرئيس أسوق لك أمثلة بسيطة مما يلينا في القطاع الصحي والتعليم العالي للاستدلال على ما أقول حتى لا يحسب ما أقول من باب التنظير الأكاديمي، وقس على ذلك ما حدث في مجالات أخرى. فقد استحدثنا في أيام الحرب الساخنة دمغة الجريح، بهذا المسمى الذي يلمس وجدان المواطن ويستحثه على دفعها من قوت يومه وهو راض، وأصبحت موردًا لأموال ضخمة قد تصل إلى سبعة مليارات (بالقديم) في الأسبوع كما ورد في بعض التقارير - والله أعلم- وظل يشرف عليها شباب متجرد ومتحمس لا نشك في نزاهتهم وولائهم للتوجه العام أبداً، ولكن لم ترتب لهم الأولويات للتصرّف في هذا المال الوفير، ولم تتم رعاية هذا المورد بالصورة المؤسسية الصارمة لتحقيق أهدافه التي استحدث من أجلها، ولذلك تم توظيف جزء كبير من عائدات الصندوق في بناء مشافي في كافة أصقاع السودان بلا خطة واضحة أو تنسيق مع الشركاء الآخرين في ذات المجال وإنما بناء على مجاملات ومبادرات فردية، وقد كنت ضمن وفد رسمي من المجلس الطبي السوداني في زيارة الى الأبيض عام 2008 ومن ضمن برنامج الوفد زرنا المستشفيات بالمدينة، فوجدنا مستشفى وزارة الصحة في حالة بائسة وزحام شديد وفي عنبر الأطفال ينام ثلاث أطفال في السرير الواحد، وعندما زرنا مستشفى السلاح الطبي وجدناه في غاية الأناقة والهدوء والسعة وبه كمية كبيرة من معدات الكشف والفحص المتطورة ولكن به طابق كامل يحتوي على مائة وخمسة سرير لم يستغل منذ افتتاح المستشفى في عام 2004 على يدي السيّد الرئيس .... وكذلك الحال في كثير من أنحاء السودان كما علمت لاحقًا، ولم تفطن الدولة لمراجعة الأمر رغم الشكاوى المتكررة إلا مؤخرًا جدًا ولا شك أن الأخ الرئيس اطلع على التقارير التي أوصت بإعادة النظر في رسالة الصندوق القومي للخدمات مؤخرًا وتم ذلك فعلاً، وندعوالله أن يوفق القائمين عليه حالياً للاستفادة من موارده الضخمة في مشاريع تعود بالنفع والفائدة واكتفي بهذه الملاحظة فقط في أمر الصندوق رغم غزارة المعلومات الأخرى التي أعرفها عنه وتقوم الإدارة الحالية بمعالجتها....، أما موضوع توطين العلاج بالداخل فأنت على علم أخي الرئيس بالأموال التي أنفقت لاستجلاب المعدات بالعملة الحرة وكيف تم توزيعها على المؤسسات العلاجية في كافة أنحاء السودان على طريقة (أكوام الكرامة) وبصورة انتقدها كثير من الخبراء في كل خطواتها، ولكن لم تفلح تلك الجهود لوقف تبديد أموال الأمة، وما زال الناس يهاجرون طلباً للعلاج بالخارج وبصورة أكبر من أي وقت مضى . ومثال آخر لغياب التنسيق والقرارات التي تتم بناء على المجاملة ومبادرات الأفراد النافذين في الدولة أسوقه لك أخي الرئيس من التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة العلوم والتقانة، فقد قامت ثورة التعليم العالي التي وفرت فرصاً واسعة لأبناء السودان في التعليم العالي وزاد عدد الجامعات وتوسعت الجامعات القائمة في أعداد القبول وازدادت أعباؤها بما يجعل كل جهد يبذل لدعمها دون الحد الأدنى لتوفير المطلوبات لها لتأدية رسالتها في الارتقاء بالمخرج وخدمة المجتمع والبحث العلمي، وما زلنا في اتحاد الجامعات السودانية نتردد على المسئولين في الدولة ونرفع لهم العرائض لنطلب منهم زيادة الدعم المخصص لمؤسسات التعليم العالي، وندق ناقوس الخطر للتنبيه من تدني مستوى المخرج في ظل العولمة ومعايير الجودة والاعتماد العالمية وتلبية حاجات سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي، ولا نجد الاستجابة الكافية، بل وعود في وعود عبر السنين، ولكن وبدون مقدمات واضحة أو مبررات مقنعة تقوم وزارة للعلوم والتقانة وتتصدى للبحث العلمي ومنح الدرجات وإنشاء المؤسسات التعليمية.... وتدعم بسخاء من الدولة لتقوم بذات الرسالة التي هي من صميم عمل الجامعات، ويقف وراء تلك المبادرة من حملوا على أكتافهم ثورة التعليم العالي ورعوها من بداياتها، فاليوم الأخ إبراهيم عندما تحول لوزارة العلوم والتقانة أصبح أكثر حماسة لها من حماسه للجامعات التي قام معظمها في عهد توليه وزارة التعليم العالي ، وقد سعى هو ومن قبله الأخ الزبير لجلب الموارد لمؤسساتها التي أنشأت من العدم لتقوم بمهام يمكن أن تطلع بها مؤسسات أخرى في التعليم العالي لها الخبرة والتجربة والتأريخ والعلاقات الممتدة مع العالم الخارجي، فلابد أخي الرئيس من وقفة للتنسيق والاستفادة من الموارد المتاحة وتوظيفها بالصورة الأمثل ولا أريد أن أخبرك بنبوءاتي عن مستقبل مؤسسات وزارة العلوم والتقانة التي يسعى الأخ إبراهيم جاهدا لتضخيمها من حقيقتها ويفترض أنها ستقوم بتوطين التقانة في البلاد في هذه العجالة ولكن آمل أن تتم المراجعة الشاملة لكل مؤسساتنا ذات الرسالة المكملة لبعضها ويتم التنسيق بينها في الفترة القادمة ولا نتركها لاجتهادات القائمين عليها وطموحاتهم الفردية وعلاقاتهم بالقيادة العليا، وينسحب ما أقوله في هذا المقام على الجامعات التي نبتت في أحضان القوات النظامية من شرطة وقوات مسلحة، وربما بعد فترة وجيزة تتطور أكاديمية الأمن الى جامعة، فلابد من تحديد واضح للإضافة النوعية التي يمكن أن تحدثها هذه الجامعات وفي مجالات محددة بعينها، بدلاً من أن تنافس غيرها في تدريس الطب والصيدلة والأسنان والهندسة...... وتزاحم الجامعات القائمة في كوادرها العاملة خاصة الأساتذة وتتبني شروط خدمة مغايرة لرصيفاتها الحكومية التي تعاني أشد المعاناة في الحفاظ على كوادرها، والسؤال الملح في شأن الجامعات هل سيستمر الإعلان عن جامعات جديدة بالنسق الذي يجري الآن؟ وهل سيستمر التصديق بكليات جديدة في كل يوم تشرق فيه الشمس كما يجرى الآن في الطب والصيدلة والأسنان والهندسة والتي أصبح خريجوها يهيمون في الطرقات بلا عمل ومعظمهم من الإناث اللائي يصعب نشرهن في الريف إذا توفرت الوظائف ومواعين الاستيعاب مستقبلا، وكذلك ما هو الحل لمشكلة الأستاذ الجامعي الذي لا نوفر له الحد الأدنى من سبل الاستقرار والعيش الكريم مع استمرار نزيف الهجرة الى دول الخليج خاصة السعودية التي بدأت التوسع في التعليم العالي بصورة كبيرة، وتنتقي أفضل ما عندنا من الأساتذة وتقدم لهم العروض المغرية جداً وفي كل يوم يأتيني على الأقل ثلاث طلبات للإعارة للسعودية، وأما البقية الباقية ممن ارتضوا البقاء في أرض الوطن فهم يحملون حقائبهم ويتنقلون بين الجامعات بالليل والنهار تماماً كالباعة المتجولين ليضمنوا الحد الأدنى من متطلبات الحياة، وليمدوا يد العون للجامعات الناشئة فغاب من قاموس معظمهم البحث العلمي والابتكار والتجديد. والأسوأ من ذلك أخي الرئيس قبل شهرين أعلنت النقابة العامة (الموالية) لعمال التعليم العالي الإضراب عن العمل مطالبة بدفع متأخرات العاملين من بدل تذاكر وبديل نقدي وفروقات أخرى متراكمة لسنوات طويلة ظلت وزارة المالية تعترف بها تماماً وتعلم مقدارها، وكلما اشتد عليها الضغط من النقابة أو حدث انفراج نسبي في ميزانيتها تدفع قسطا أو قسطين من المتأخرات للعاملين بالتعليم العالي، ولكن ما تم من حلول لرفع الإضراب الأخير في فبراير الماضي سيظل أكبر كارثة تحدث في التعليم العالي وسنرى آثارها المدمرة في الأشهر القليلة القادمة إذا لم نتدارك الأمر. وتسبب في كل ذلك وزير الدولة بالتعليم العالي وليس وزير المالية. فماذا فعل هذا الوزير الهمام ليحل مشاكل استحقاق العاملين بالتعليم العالي المتراكمة عبر السنين؟ اجتمع الوزير الهمام بوزير المالية (ودق سدره) وقال بأن الجامعات ستتولى دفع استحقاق العاملين من مواردها، وإذا لم تفعل سيقوم بخصم 25% من المنحة التي تقدمها وزارة المالية للجامعات من كل جامعة ويسدد بها استحقاق العاملين، سجل ذلك الالتزام في المحضر دون الرجوع للجامعات أو معرفته بأوضاعها الحقيقية، وفي اليوم الثاني جمع كل مديري الجامعات الحكومية في السودان ليبلغهم بقراره وبالالتزام الذي قطعه نيابة عنهم، فكان الرفض القاطع من مديري الجامعات والاستهجان الواضح لهذا الفعل المتهور وغير المدروس وكادت تحدث خناقة بين الوزير ومديري الجامعات لولا تدخل بعض العقلاء، واستمر النقاش الحاد على مدى أربع ساعات، ولما لم يفلح الوزير في إقناع المديرين اضطر الى رفع الجلسة وإنهاء الاجتماع، ولكن ما كان أشد غرابة ونكارة أنه في اليوم التالي أو الذي يليه أرسل خطاباً للجامعات بتوقيع الأمين العام للوزارة يأمرهم فيه بدفع متأخرات العاملين من مواردهم حسب الاتفاق، وسوف تقوم الوزارة باستقطاع 25% من المنحة التي تأتي من وزارة المالية للجامعات وتبعث بها الى الجامعة المعنية لتقوم بسدادها للعاملين إذا لم تقم الجامعة طوعاً بسداد مستحقات منسوبيها؟ ولا ندري ما هي المبررات لكل هذا التخبط والوزير يعلم تمام العلم أن المنحة التي تأتي من وزارة المالية لا تغطي الفصل الأول كاملا ونحن في جامعة الخرطوم على سبيل المثال ندعمها ب15% من مواردنا الذاتية والتي نسخرها جميعًا للفصل الثاني والثالث بما في ذلك بناء الكليات وقاعات المحاضرات وُتأثيث المعامل ودعم البحث العلمي وشراء الخدمات ودعم علاج العاملين والطلاب ولا تفي هذه الموارد الذاتية ب50% مما هو مطلوب في واقع الأمر لتصبح الجامعة جامعة..... ولا ندري حتى الآن ما الذي دفع السيد الوزير لهذا التصرف الغريب، هل يريد أن ينقل المعركة لتكون بين العاملين وإدارات الجامعات أم أراد أن يسجل موقفاً ايجابيًا يرفع أسهمه أمام المسئولين الكبار في المرحلة التي تلي الانتخابات وما يعقبها من فك التسجيلات وإعادة التشكيل للوزارات... أخي الرئيس ما سقته لك من مثال عما يجري في وزارة التعليم العالي هو قطرة من بحر من السياسات الخاطئة التي كانت تجري في هذه الوزارة وهي بوضعها الحالي أحد معوقات التعليم العالي كما جهرنا بذلك بالصوت العالي في المجلس القومي للتعليم العالي وباسم الجامعات السودانية كلها. وهذا مثال على عجز بعض المسئولين عن القيام بمسئولياتهم على الوجه الأمثل، فهمهم الأكبر البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة والسعي لإرضاء القيادة العليا بالمظاهر السطحية والمسكنات الوقتية في حل المشاكل ولو بالكذب البواح كما فعل هذا الوزير وقال إنّه اتفق مع مديري الجامعات على قراره المعيب. أخي الرئيس في ظل غياب اللوائح التي تنظم وتقيد تصرفات المسئولين ستستمر هذه المفارقات في كثير من مؤسسات الدولة، خاصة بعد توقيع اتفاقيات السلام ودخول الشركاء الجدد معنا الذين جاءوا من الغابة إلى كراسي الحكم، فقد رأينا الوزير يبدد ثمانية مليارات عبر تصاديق بالأوراق الرسمية ويكرم بالنقل من الوزارة إلى أخرى، ورأينا فاتورة الموبايل لبعضهم تصل خمسة عشر مليوناً في الشهر وتدفع من مال الشعب، ورأينا النثرية الشهرية لبعض الوزراء تصل مائة مليون في الشهر، بل ويحكى أن أحد الدبلوماسيين في واحدة من سفاراتنا في أوروبا تدفع له الدولة ولأسرته ما يقارب الثلاثين تذكرة سفر لأن أسرته بهذا الحجم بينما نعجز أن نوفر قيمة التذكرة للأستاذ الجامعي ليشارك في مؤتمر علمي عالمي، بل نحن في إدارة جامعة الخرطوم محاصرون بأسئلة يومية عن حقوق العاملين في بدل التذاكر المستحقة قانوناً والتي لم تصرف كاملة من تسعينات القرن الماضي .... أخي الرئيس كثير من القضايا التي ذكرتها في هذه الفقرة تصلح أن تكون قنابل موقوتة ومصدر قلاقل للدولة إذا لم نتدارك ونتدارس بشفافية واقع الحال في مؤسسات الدولة المختلفة وقد بدأت نقابات الظل تتحرك والاضطرابات القادمة وقودها الخريجين بلا عمل والمفارقات في استحقاقات العاملين في الدولة، فهل سنلجأ الى تكميم الأفواه ومصادرة الحريات التي بدأت تتسع دائرتها أم نقوم بالمراجعة لتحقيق العدالة ومساواة الناس في الرخاء والشدة. إذن لابد أخي الرئيس من برنامج عمل واضح للمرحلة القادمة قبل الدخول في تكوين الجهاز التنفيذي الجديد وإسناد الأمر في المرحلة القادمة للخبراء المتخصصين وإبعاد التدخلات السياسية عنهم في أدائهم المهني، ونحاسبهم بما طلبناه منهم عند التكليف ووافقوا على إنجازه كما كان يفعل مهاتير محمد باني مليزيا الحديثة. 1- السؤال الرابع هل سيخرج الحزب من تقاليده المعهودة ويدفع بقيادات جديدة تواكب المستجدات في الساحة أم أننا سنظل ندور في ذات الأشخاص المعروفين وأصدقاء العمر ورفقاء السلاح الذين نعتقد بأنهم إرادة الله التي اختارتهم ليكتبوا الصيغة النهائية في سفر التأريخ كما يقول الطيب صالح....؟ وهل يمكننا التفريق بين أهل الولاء الزائف وأهل الخبرة والإخلاص في تشكيل الحكومة القادمة؟ وهل لمن بقي في موقعه في السلطة التنفيذية أكثر من عشر سنين من جديد يقدمه، أم أنه سيظل يكرر نفسه بحسناته وأخطائه السابقة في كل موقع يتبوؤه بعد أن أصبح امبراطورًا له حاشية ضخمة من المقربين والأقارب الذين يتنقلون معه حيث حل ولا يوجد من بينهم ناصح أمين؟ وهل سيقوم المخضرمون في السلطة بخطوة جريئة هذه المرة ويجتمعون في صعيد واحد ويعلنون إجماعهم على رفض التكليف في المرحلة القادمة ليرفعوا الحرج من الأخ الرئيس الذي يغلب على طبعه الإلفة ومراعاة الود القديم. أخي الرئيس لقد سئمت الأمة من العناصر التي عرفت كيف تتخندق وتتكلس في مواقعها بالقيادة التنفيذية للدولة لمدة طويلة، بالصمت والمداراة والبعد عن الأنظار أحياناً، وبالتملق والاستعراض الزائف والتقرب من المسئولين الكبار أحيانًا أخرى، فقد أصبح كثير من الذين يتصدون للشأن العام منفرين بسلوكهم الشخصي واستغلالهم البشع للنفوذ وقد تابعنا كثيرًا من هذه القضايا لأناس في مواقع تنظيمية وتنفيذية على مستويات أدنى من الوزارة ووجدنا كيف يتم الاستغلال البشع للنفوذ، وكيف يتم التراضي بين الشركاء بالموقع في اقتسام الغنائم بحيث يحظى كل واحد بمغنمه ويتستر على الآخر، فطول المكث في المواقع يؤدي لا محالة للفساد وقديماً قال الشاعر (إن الماء إذا جرى طاب وإن لم يجر لم يطب)، فالحديث عن الفساد الذي وصل الى قبة البرلمان ودار فيه نقاش حول تكوين آلية لمجابهته في مواقع كثيرة هو حقيقة أخي الرئيس ولا يمكن السكوت عنه في المرحلة القادمة خاصة في ظل الحريات التي اتسعت دائرتها. فالفساد له آثار مدمرة ليس فقط في تبديد الحق العام ولكن في عكس الصورة السالبة للمشروع الحضاري الذي ظللنا ننادي به، وغياب القدوة والمثال والتجرد والزهد في المال العام دفع الكثيرين ممن كانوا يحسنون الظن بنا ويناصروننا لمعاداتنا وموالاة الخارجين عن الملة لما يرونه رأي العين من مخالفات يرتكبها بعض من يرفعون شعاراتنا يحملون أسمنا.....وعندي شواهد كثيرة على ذلك وقد بدأت هذه الظاهرة تتفاقم في الآونة الأخيرة خاصة بعد الانشقاق وأقول لك أخي الرئيس إن مواقع كثيرة الآن يتسنمها الرويبضة بكل ما تعنيه الكلمة التي قالها الصادق المصدوق ويجتهدون بكل السبل لعزل الآخرين من أهل الحق بشتى الوسائل، منها الإشاعات الكاذبة لاغتيال الشخصية وإلصاق التهم الباطلة لتخلو لهم الساحة ويعيثوا في الأرض فسادا، فهناك كثير من الشرفاء الذين نعرفهم لاذوا بالاعتزال وزهدوا في المشاركة العامة خوفًا من الفتنة، خاصة وأنهم يرون ضعف الاستجابة من الدولة لتقويم المسيرة ووضع حد لممارسات شكا منها الناس وتناولتها وسائل الإعلام. وهناك كثيرون من أصحاب القدرات العالية في العمل العام اختفوا من الواجهة في التنظيم والجهاز التنفيذي لأنهم ممن يجهرون بالنصيحة بصوت عال، فأين حسن رزق وأين قطبي وأين مهدي وأين ربيع وأين...وأين .

ليست هناك تعليقات: